حكم نقض هام في جريمة التزوير

باسم الشعب

محكمة النقـض

الدائـرة الجنائيـة

دائرة الأربعاء )ب( ـ

المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ صف ـوت مكـادي ” نائب رئيس المحكمة ” وعضوية السادة المستشـارين/ علي أحمد عبد القادر ، أحمـد أنـور الغرباوي أحمد مصطفى عبد الفتاح ، جورج إميل الطويل نـواب رئيس المحكمة وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى ارجح.

وأمين السر السيد / أحمد لبيب .

في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الأربعاء 4 من محرم سنة 1446 هـ الموافق 10 من يوليه سنة 2024م.

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 5203 لسنة 93 القضائية.

المرفوع من

.. ……. ” محكوم عليه ـ طاعن”  ضد

النيابة العامة “المطعون ضده ا”

” الوقائع  “

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم …… . لسنة ……. جنايات مركز ……. ) المقيدة بالجدول اللي برقم ……. لسنة ……. كلي …… .(.

لأنه وآخر سبق الحكم عليه في تاريخ سابق على 21 من أغسطس سنة 2019 – بدائرة مركز …… . – محافظة …… .:

وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية:

اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو مستخرج رسمي بنجاح طالب منسوب صدوره لإدارة شئون الطلبة والامتحانات بمديرية التربية والتعليم ب ـ …….

بأن قاما باصطناعه على غرار المحرارت الصحيحة منه وأثبتا به بيانات على خلاف الحقيقة وذيلاها بتوقيعات نسب اها زو ار للموظفين المختصين بإدارة شئون الطلبة والامتحانات بمديرية التربية والتعليم ب ـ ……. ومه ارها بخاتم شعار الجمهورية مقلد ووقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.

اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة في تقليد خاتم شعار الجمهورية الخاص بإدارة شئون الطلبة والامتحانات بمديرية التربية والتعليم ب ـ ……. ومه ار به المحرر المزور محل الاتهام السابق على النحو المبين بالتحقيقات.

اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير إمضاءات موظفين عموميين بإدارة شئون الطلبة والامتحانات بمديرية التربية والتعليم ب ـ …… . وذيلا بها المحرر المزور محل الاتهام الأول على النحو المبين بالتحقيقات.

وأحالتهما لمحكمة جنايات …… . لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة.

والمحكمة المذكورة قضت بتاريخ 1۷ من شهر يناير عام 202۳ عملا بالموا د

40/ 1 ، 2 ، 41/ 1 ، 206/ 2 ، 4 ، 211 ، 212 ، 21۳ ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 1۷ ، ۳2 من ذات القانون حضوريا بمعاقبة ……. بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه ، ومصادرة المحرارت المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.

وبجلسة اليوم سمعت المحكمة الم ارفعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

المحكم ـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانو ن.

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة الاشت ارك في التزوير في محرر رسمي ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ذلك بأن الحكم صيغ في عبا ارت عامة معماة لا يبين منها أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ومدى مساهمته فيها وعلمه بتزوير المحرر سيما وأن الأوارق خلت من دليل يمكن الاستناد إليه في إدانته ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين وقعة الدعوى في قوله: ” …. تتحصل في أن مقدمشرطة / …… . رئيس مباحث مرور …… . وأثناء عمله وردت إليه معلومات تفيد قيام متهمسابق الحكم عليه بتقديم أوارق لقسم مرور …….. لاستخ ارج رخصة قيادة خاصة بموجبها ومن ضمنها مستخرج رسمي بنجاح طالب منسوب صدوره لإدارة شئون الطلبة والامتحانات بمديرية التربية والتعليم وبمواجهته أقر بتحصله عليه بمقابل من المتهم الماثل الذي قام باصطناعه وتزويره وبإج ارء التحريات السرية دلت إلى قيام المتهم الماثل وآخر سبق الحكم عليه بالاشتراك ارك بطريقي الاتفاق والمساعدة بارتكاب تزوير المحرر الرسمي المضبوط بأن قاما باصطناعه على غ ارر المحرارت الصحيحة ممهور بتوقيعات نسبها زوا ر للموظفين المختصين بإدارة شئون الطلبة والامتحانات بمديرية التربية والتعليم ب ـ …… . ومه ارها بخاتم شعار جمهورية مصر العربية مقلد وقام المتهم السابق الحكم عليه باستعمال المحرر المزور وقدمه للموظف المختص باستخراج الت الترخيص بقسم مرور ……. وتم استخراج رخصة قيادة خاصة باسمه مع علمه بأمر تزويره فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة ” ، وخلص الحكم إلى القول أن الوقعة قد قام الدليل على ثبوتها وصحة إسنادها للمتهم مما شهد به كل من المقدم / …… . رئيس مباحث مرور ……. ، والرائد / ……. رئيس مباحث الأموال العامة ، ومما قرره استدلالا بالتحقيقات كل من

……. ، و ……. ، ……. ، و …… . ، و ……. ، ومما ثبت بالاستعلام من مديرية التربية والتعليم ب ـ …… . وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ، وحصل الحكم أقوال الشاهدين الأول والثاني بما لا يخرج عن مضمون ما أورده في بيانه للوقعة ، وحصل ما قرره الباقون استدلا لا بالتحقيقات – وهم الموظفون المختصون بإدارة شئون الطلبة والامتحانات – في قوله: ” أن المحرر الرسمي المضبوط مزور وغير صادر من جهة عملهم وأن التوقيعات المذيل بها لا تخص أي ا منهم وخاتم شعار الجمهورية الممهور مقلد ” ، وأورد من استعلام مديرية التربية والتعليم ب ـ …….

  • وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ما مفاده أن بصمة خاتم شعار الجمهورية الممهور به المحرر مقلد وأن توقيع رئيس قسم شئون الطلبة مزور عليه . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة ۳10 من قانون الإج ارءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الوقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإي ارد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاص ار ، وكان المقصود من عبارة بيان الوقعة الواردة بالمادة ۳10 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعالوالمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، أما إف ارغ الحكم في عبا ارت عامة معماة أو وضعه فيصورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من م ارقبة صحة تطبيق القانون على الوقعة كما صار إثباتها بالحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض إي ارده وقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن ، كما لم يعن باستظهار علمه بالتزوير ، وكان ما استدل به الحكم من أقوال ضابط الوقعة من أنه بمواجهة المتهم السابق محاكمته قرر له بأنه تحصل على المحرر المزور من الطاعن الذي قام باصطناعه وتزويره ، لا ينهض بذاته دليلا على مقارفة الطاعن لجريمة التزوير في المحرر ، كما خلا تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من نسبة الأمر إليه ، وكان التقرير الفني المقدم في الدعو ى – على ما حصله الحكم في مدوناته – لم يرد به أن الطاعن هو الذي ارتكب التزوير توقي ع ا أو كتابة ، وفوق هذا وذاك ، فإن الحكم المطعون فيه خلا من بيان الطريقة والكيفية التي تم بها تزوير المحرر حتى يمكن معه الوقوف على دور الطاعن في ارتكاب هذه الجريمة ومدى علمه بتزويره ما دام أنه ينكر ارتكابه لها . لما كان ذلك ، وكان مناط جواز إثبات الاشت ارك بطريق الاستنتاج استنا د ا إلى القرائن أن تكون هذه الق ارئن منصبة على وقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة في ذاتها ، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغ  لا يتجافى مع المنطق أو القانون  ، فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم في إدانة المتهم والعناصر التي استخلص منها وجود الاشتراك  لا تؤدي إلى ما انتهى إليه ، فعندئذ يك ون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق القانون  ، وكان من المقرر أي ض ا أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبا ارت المجردة ، وكان ما أورده الحكم – على النحو السالف بسطه – لا ينصب على وقعة الاتفاق أو المساعدة في ارتكاب جريمة التزوير ، ولا يكفي بمجرده في ثبوت اشت ارك الطاعن فيه والعلم به ، ولا ينال من ذلك ما أوردته تحريات مباحث الأموال العامة من قيام الطاعن بالاشت ارك مع المتهم السابق بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير المحرر المضبوط مما يفيد علمه بأنه مزور ، لما هو مقرر من أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع بها القاضي بإدانة المتهم أو بب ارءته صاد ار في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستق لا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح فيالقانون أن يدخل في تك وين عقيدته بصحة الوقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسوا ه ، كما وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أو ق ارئن أخرى طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث ، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دلي لا أساس ي ا على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد أر يا لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلا أساس ي ا على ثبوت اشت ارك الطاعن في تزوير المحرر المزور المضبوط وعلمه به دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر تلك التحريات على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من صدق ما نقل عنه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه ، وإذ كانت أوارق الدعوى – حسبما حصلها الحكم – قد خلت من أي دليل معتبر يمكن التعويل عليه في إدانة المتهم – الطاعن – سوى تحريات مباحث الأموال العامة التي لا تصلح وحدها لأن تكون دلي لا أساس يا على ثبوت الاتهام – على ما سلف بيانه – ، ومن ثم فإنه يتعين القضاء ببرائته مما أسند إليه عم لا بالمادة 304/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية ومصادرة المحرر المزور المضبوط.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وب ارءة الطاعن مما أسند إليه من اتهام ومصادرة المحرر المزور .